قد تصل عقوبة التهديد بالكلام في الإمارات إلى الحبس والغرامة، حتى إن لم يُنفّذ التهديد فعليًا. ففي إحدى قضايا دبي، أدّى خلاف عابر في طابور متجر إلى شكوى جنائية بعدما تلفّظ أحد الأطراف بعبارات تُوحي بإلحاق الأذى، ما اعتبرته الجهات المختصة تهديدًا جديًا يستوجب المساءلة.
في القانون الإماراتي، لا يُنظر إلى التهديد اللفظي كأمر عرضي، بل كجريمة متى ما أثار الخوف المشروع لدى المجني عليه، خصوصاً عند استخدام الهاتف أو تطبيقات المحادثة. في هذا المقال، نوضح متى يصبح التهديد بالكلام جريمة، والعقوبات القانونية المترتبة عليه، والإجراءات الرسمية الواجب اتباعها، مع استعراض لأهم الأحكام القضائية ذات الصلة.
هل تواجه بلاغ تهديد شفهي؟ تواصل مع محامٍ مختص عبر أرقامنا في صفحة اتصل بنا.
جدول المحتويات
ما هو التهديد بالكلام في القانون الإماراتي؟
يُقصد بالتهديد بالكلام في القانون الإماراتي توجيه أقوال أو عبارات تتضمن وعيدًا بإلحاق ضرر مادي أو معنوي بشخص آخر، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. ويُعتبر هذا الفعل جريمة مستقلة متى ما توافرت فيه الجدية الكافية لإثارة الخوف المشروع لدى المجني عليه، دون الحاجة إلى تنفيذ التهديد فعليًا.
ويكفي أن يُحدث التهديد تأثيرًا نفسيًا حقيقيًا، كأن يخشى الضحية على نفسه أو أسرته أو ممتلكاته. وتشمل صوره ما يُقال وجهًا لوجه أو يُرسل عبر الهاتف أو تطبيقات مثل “واتساب”، وتخضع جميعها للمساءلة متى ثبت القصد الجنائي.
الفرق بين التهديد العادي والجنائي:
- التهديد العادي (البسيط): يقع دون أن يكون مشفوعًا بطلب أو شرط، وغالبًا ما يُصنَّف كجنحة.
- التهديد الجنائي (المشدد): يكون مقرونًا بطلب مال أو منفعة، أو مقرونًا بسلوك يوحي بجديّة التنفيذ، ويُعد جناية.
أشكال التهديد التي يعاقب عليها القانون:
قبل الخوض في العقوبات، من المهم إدراك أن الوسيلة لا تقل أهمية عن مضمون التهديد، وتشمل:
- التهديد المباشر بالكلام أمام الشخص أو في محيط عام.
- التهديد الهاتفي أو الإلكتروني (مكالمات – رسائل – تسجيلات).
- التهديد الضمني (مثل الإشارة باستخدام أدوات خطرة أو ألفاظ توحي بالخطر).
كل هذه الأشكال تخضع للتجريم متى ما ثبت القصد الجنائي والجدية في الفعل.
تعرف أيضًا على: عقوبة التهديد في الإمارات: دليل شامل حسب الأنواع.
عقوبة التهديد بالكلام في الإمارات
تختلف عقوبة التهديد بالكلام في دولة الإمارات العربية المتحدة بحسب طبيعة التهديد ووسيلته والظروف المحيطة به، وذلك كما يلي:
عقوبة التهديد اللفظي المباشر
تُعاقب المادة 351 من قانون العقوبات الاتحادي رقم 31 لسنة 2021 على التهديد المباشر الذي يُوجّه بالكلام أو الإشارة أو بأي وسيلة دون أن يُقترن باستخدام أدوات أو وسائل تقنية.
وفي هذه الحالة، تصل عقوبة التهديد بالكلام إلى الحبس لمدة لا تتجاوز سنتين، أو الغرامة التي لا تزيد عن 20,000 درهم، وذلك إذا ثبت أن التهديد أحدث خوفًا مشروعًا في نفس المجني عليه وكان القصد منه التخويف أو الإكراه.
عقوبة التهديد عبر الوسائل الإلكترونية
في حال تم التهديد عبر الهاتف، أو الرسائل النصية، أو تطبيقات التواصل الاجتماعي مثل “واتساب” و”انستغرام”، فإن العقوبة تُصبح أشد، طبقًا لما ورد في المادة 42 من القانون الاتحادي رقم 34 لسنة 2021 بشأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية.
وينص القانون على أن من يهدد غيره باستخدام وسيلة تقنية يُعاقب بالحبس مدة تصل إلى سنتين، وغرامة لا تقل عن 250,000 درهم ولا تتجاوز 500,000 درهم، خاصة إذا مسّ التهديد الخصوصية أو الأمن الشخصي.
عقوبة التهديد باستخدام سلاح أو وسيلة خطرة
أما إذا اقترن التهديد باستخدام سلاح أو أداة حادة أو أي وسيلة توحي بالعنف، فإن العقوبة تتضاعف، نظرًا لخطورة الفعل. ووفقًا لأحكام المادة 352 من القانون ذاته، يُعاقب الجاني في هذه الحالة بالحبس لمدة قد تصل إلى خمس سنوات، مع إمكانية تشديد الحكم إذا اقترن الفعل بعنف فعلي أو نية الاعتداء.
عقوبة التهديد المصحوب بابتزاز أو إرغام
في الحالات التي يكون فيها التهديد وسيلة للحصول على منفعة أو لإجبار المجني عليه على القيام بفعل أو الامتناع عنه، يُنظر إلى الجريمة باعتبارها جناية ابتزاز.
وحسب المادة 353 من قانون العقوبات، فإن العقوبة تكون السجن المؤقت لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات وقد تصل إلى خمس عشرة سنة، لا سيما إذا استُخدم التهديد في سياق مادي أو شخصي لتحقيق مكاسب غير مشروعة.
تنبيه قانوني مهم:
تُشدَّد عقوبة التهديد بالكلام إذا كان التهديد موجّهًا إلى موظف عام أثناء أو بسبب تأديته لعمله، أو إذا استُخدم لتحقيق غايات إرهابية أو تخريبية.
متى يتحول التهديد إلى جريمة كاملة يعاقب عليها القانون؟
رغم أن بعض عبارات التهديد قد تصدر في لحظة غضب أو توتر، إلا أن القانون الإماراتي لا يتهاون مع التهديدات التي تُثير الخوف المشروع أو تهدف للتأثير على سلوك الآخرين. فالجريمة لا تقوم فقط على وجود الكلمات، بل على ما تحمله من قصد وتأثير.
تتحقق جريمة التهديد في الحالات الآتية:
- وجود نية جنائية (قصد متعمد): يجب أن يكون الجاني قد أطلق عباراته وهو يدرك أن المقصود منها التخويف أو الإكراه، لا المزاح أو الانفعال العابر.
- تحقّق الخوف المشروع لدى المجني عليه: لا يُشترط أن يكون الخوف شديدًا، بل يكفي أن يكون الشخص العادي في ظروف مشابهة قد خشي على نفسه أو ماله أو أسرته.
- أن يكون التهديد جديًا لا هزليًا: تقرّر المحاكم الإماراتية أن التهديد لا يُعد جريمة إذا ثبت أنه كان في إطار المزاح المتبادل، أو في موقف لا يتوقع منه التنفيذ، مالم يرافقه سلوك يُظهر الجدية.
- توفر دليل يدعم أقوال المجني عليه: مثل تسجيل صوتي، رسالة مكتوبة، شهادة شهود، أو حتى رد فعل المجني عليه (كاللجوء للشرطة مباشرة).
- أن لا يكون مشمولًا بعذر قانوني: مثل أن يكون التهديد قد صدر دفاعًا عن النفس أو بدافع درء ضرر وشيك، وهو أمر تخضعه المحكمة لتقديرها وفق الوقائع.
ملاحظات من العمل القضائي:
- في بعض القضايا، رأت المحكمة أن “العبارات الغاضبة” لا ترقى إلى التهديد الجنائي إذا لم تُصاحبها نبرة جادة أو دليل على نية التنفيذ.
- بينما اعتُبرت في قضايا أخرى عبارات مثل “سأنتقم منك” أو “لن تخرج من هنا سالمًا” كافية لتأسيس جريمة، عندما صدرت في سياق خصومة حادة أو عقبها تصرفات مقلقة.
الدفاع القانوني في قضايا التهديد اللفظي
رغم أن التهديد بالكلام يُعد جريمة في القانون الإماراتي، إلا أن الدفاع القانوني السليم قد يُسقط الاتهام أو يُخفّف من العقوبة إذا توافرت مبررات قوية. ويُبنى الدفاع غالبًا على نفي نية الإيذاء أو عدم جدية التهديد أو الطعن في أدلة الإثبات.
أبرز الدفوع القانونية المستخدمة:
- انعدام القصد الجنائي (النية): يُدفع بأن الكلمات صدرت في لحظة انفعال أو غضب دون نية حقيقية للإيذاء، ويُعزز ذلك السياق العام للواقعة أو العلاقة السابقة بين الطرفين.
- التهديد غير جدي أو مبالغ في تفسيره: يُمكن الدفع بأن التهديد لم يكن من النوع الذي يُثير خوفًا مشروعًا، بل كلمات عامة أو ناتجة عن سوء فهم، خاصة إن لم تترافق مع سلوك داعم أو ظروف خطرة.
- الشك في نسبة الفعل إلى المتهم: يُطعن في صحة التسجيلات أو نسبتها، أو يُشكّك في مدى موثوقية الرسائل الرقمية، مع إمكانية طلب فحص فني من الجهات المختصة.
- التحريض أو الاستفزاز المسبق من المجني عليه: في بعض الحالات، يكون التهديد رد فعل مباشر على استفزاز شديد أو إهانة سابقة، ما قد يُخفف من العقوبة أو يُدخل الواقعة في نطاق “الدفع الجزئي بالاستفزاز”.
- التصالح أو التنازل من المجني عليه: في قضايا الجنح، يمكن للمجني عليه التنازل، مما يؤدي إلى انقضاء الدعوى الجزائية، إلا إذا كان للواقعة مساس بالحق العام.
وفي جميع الأحوال، فإن نجاح الدفاع يعتمد على مدى قدرة المتهم أو محاميه على تفنيد عناصر الجريمة وإثبات أن ما صدر لا يُشكّل تهديدًا يعاقب عليه القانون وفق المعايير القضائية المعتمدة.
دور المحامي في الدفاع عن قضايا التهديد اللفظي
يلعب المحامي الجنائي المختص دورًا محوريًا في قضايا التهديد، ليس فقط في تقديم الدفاع، بل في إدارة ملف القضية من لحظة تقديم البلاغ وحتى صدور الحكم. وتشمل مهامه:
- تحليل الأدلة بدقة، والتأكد من قانونية الحصول عليها وصحتها الفنية.
- صياغة مذكرة دفاع قانونية متماسكة، تتضمن دفعًا بعدم الجدية أو الطعن في النية الجنائية.
- تمثيل موكله أمام الشرطة والنيابة العامة، وضمان احترام حقوقه في التحقيق والاستجواب.
- طلب استدعاء شهود أو خبراء تقنيين لدعم دفوع البراءة أو التخفيف.
- التفاوض على سبل الصلح أو التنازل إن كان ذلك في مصلحة موكله ووفق الأطر القانونية.
ويكتسب الدفاع فعاليته حين يكون المحامي على دراية تامة بأحدث التعديلات التشريعية والقرارات القضائية ذات الصلة، خاصة في ظل تطور وسائل التهديد وانتقالها إلى الفضاء الرقمي.
الأسئلة الشائعة حول عقوبة التهديد بالكلام بالإمارات
تُعد عقوبة التهديد بالكلام في الإمارات شديدة إذا ثبتت الجدية والنية الجنائية، وقد تصل إلى الحبس أو الغرامة حسب وسيلة التهديد وظروفه. وتبقى الاستشارة القانونية المتخصصة هي الوسيلة الأمثل لفهم الموقف القانوني بدقة، سواء كنت متهماً أو مجنياً عليه.
بحاجة إلى رأي قانوني موثوق في قضية تهديد؟ تواصل الآن مع محامي في ابوظبي مرخص عبر زر الواتساب في أسفل الصفحة، لمساعدتك باحترافية ضمن إطار القانون الإماراتي.
قد يهمك أيضًا:
- عقوبة التهديد بالصور في القانون الإماراتي.
- عقوبة التهديد الالكتروني في القانون الإماراتي.
- عقوبة التهديد بالرسائل في القانون الإماراتي.
- عقوبة التهديد بالسلاح في القانون الإماراتي.
التنويه القانوني:
المعلومات الواردة في هذا المقال لأغراض تثقيفية عامة، ولا تُعد مشورة قانونية. للحصول على استشارة دقيقة بشأن حالتك، يُرجى التواصل مع محامٍ مرخص في دولة الإمارات العربية المتحدة.
المصادر:
- القانون الاتحادي رقم 34 لسنة 2021 بشأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية.
- القانون الاتحادي رقم 31 لسنة 2021 بشأن الجرائم والعقوبات.
- بوابة التشريعات الإماراتية.

مستشار قانوني في مكتب محامي في أبوظبي.
خبرة +20 عامًا ضمن المجموعة؛ تقاضٍ ونزاعات؛ استشارات في الجوانب التشريعية والأنظمة؛ تميّز في المشورة وإعداد العقود والتفاوض والتسويات.