عقوبة التحرش في الامارات

عقوبة التحرش في الامارات: السجن والغرامة وفق قانون العقوبات 2021

عقوبة التحرش في الامارات لم تعد مجرد تدبير قانوني بسيط، بل أصبحت أداة حازمة لحماية كرامة الأفراد وسلامتهم الجسدية والنفسية، في ضوء تزايد حالات التحرش بمختلف أشكاله. وقد بات من الضروري توعية الأفراد بحقوقهم وواجباتهم، سواء كانوا ضحايا أو متهمين، لفهم الحدود التي يضعها القانون وضمان عدم التورط في أفعال قد تُفسر كجرائم.

في هذا المقال، نوضح الإطار القانوني الذي ينظّم جريمة التحرش في دولة الإمارات، بدءًا من تعريفها القانوني، مرورًا بأركانها وشروط إثباتها، ووصولًا إلى العقوبات المنصوص عليها وفق القانون الاتحادي رقم 31 لسنة 2021، مع تسليط الضوء على السوابق القضائية ذات الصلة، وإمكانية التصالح.

تواصل الآن مع محامٍ مختص في قضايا التحرش عبر أرقامنا في صفحة اتصل بنا.

ما هو تعريف التحرش في القانون الإماراتي؟

حدّد القانون الاتحادي رقم 31 لسنة 2021 بشأن الجرائم والعقوبات مفهوم التحرش ضمن إطار الجرائم المخلة بالحياء، وخصوصًا في المادة 413 التي نصّت على أن:

«كل من تعمّد التعرض للغير على وجه يخدش الحياء بالقول أو الفعل أو الإشارة، بأي وسيلة كانت، يعاقب بالحبس أو الغرامة».

ويُعتبر هذا التعريف شاملًا لأفعال متعددة تتجاوز مجرد الاتصال الجسدي، لتشمل أيضًا الكلمات والتلميحات ذات الطابع الجنسي، سواء حدثت في مكان عام أو خاص.

ويتضح من النص أن التحرش الجنسي في القانون الإماراتي لا يقتصر على الأفعال الصريحة، بل يشمل كل سلوك يُقصد به إيذاء مشاعر الطرف الآخر أو التعدي على حريته الجسدية أو النفسية بطريقة غير مرغوبة.

كما يميّز القانون بين:

  • التحرش اللفظي: مثل استخدام كلمات خادشة أو اقتراحات غير لائقة.
  • التحرش الجسدي (باللمس): كالمس دون رضا، وهو ما يُعد ظرفًا مشددًا.
  • التحرش البصري أو بالإيماءات: مثل النظرات أو الحركات ذات المعنى الجنسي.
  • التحرش الإلكتروني: عبر الرسائل أو الصور أو التعليقات في وسائل التواصل الاجتماعي.

هذا التعريف القانوني الدقيق يعكس رغبة المشرّع في إحاطة الضحية بأقصى درجات الحماية، وردع أي سلوك مخل بالآداب العامة، مع توفير آليات إثبات قانونية واضحة لضمان العدالة للطرفين.

أركان جريمة التحرش في القانون الإماراتي

لكي تُعتبر واقعة ما جريمة تحرش يعاقب عليها القانون في دولة الإمارات، يجب أن تتوفر فيها أركان محددة، وهي العناصر التي يستند إليها القاضي في تكييف الفعل وتجريمه:

أولًا: الركن المادي (الفعل المحظور)

يتمثل في كل سلوك يصدر عن الجاني ويمس حياء المجني عليه، سواء كان هذا السلوك:

  • قولًا: مثل إطلاق كلمات أو عبارات ذات طابع جنسي.
  • فعلًا: كالمس الجسدي دون رضا الطرف الآخر.
  • إشارة: مثل الإيماءات أو الحركات ذات المعنى المخل.
  • أو عبر وسائل إلكترونية: رسائل، صور، أو تعليقات على الإنترنت.

الركن المادي يشترط أن يكون ظاهرًا للغير ويمكن الاستدلال عليه.

ثانيًا: الركن المعنوي (القصد الجنائي)

يتحقق عندما يُقدم المتهم على الفعل وهو مدرك لطبيعته ومخالفة القانون، ويقصد منه إيذاء حياء المجني عليه أو استهدافه بسلوك غير مرغوب فيه.

فإذا ثبت أن الفعل صدر بحسن نية أو دون قصد الإخلال بالحياء، فقد يؤثر ذلك على التكييف القانوني للجريمة.

ثالثًا: العلاقة السببية

يجب أن يكون هناك رابط مباشر بين فعل المتحرش وتأثيره على المجني عليه، مثل شعوره بالإهانة أو الخوف أو الانزعاج، ما يعزّز اعتبار الفعل جريمة مكتملة الأركان.

توافر هذه الأركان الثلاثة ضروري لإثبات الجريمة وإدانة المتهم، وهو ما يجعل شروط الإثبات في هذه القضايا من أعقد المسائل، كما سنوضح في الفقرة التالية.

شروط ثبوت التحرش أمام القضاء الإماراتي

تتطلب قضايا التحرش في دولة الإمارات توافر شروط محددة لإثبات الجريمة أمام المحكمة، خاصة أن كثيرًا منها يعتمد على وقائع قد لا تكون موثقة بشكل مباشر. فيما يلي أبرز هذه الشروط:

  • وجود دليل مادي أو قرينة قوية: مثل تسجيلات صوتية أو مرئية، رسائل إلكترونية، أو شهادة شهود.
  • توافر القصد الجنائي: يجب أن يُثبت أن المتهم تعمّد فعله وكان مدركًا لطبيعته المسيئة.
  • عدم وجود استفزاز أو اتفاق مسبق: وهو ما قد يُستخدم لنفي نية الجريمة أو إثارة الشك في الدعوى.
  • سرعة التبليغ عن الواقعة: يعزز مصداقية الشكوى ويمنح المحققين فرصة جمع الأدلة في الوقت المناسب.
  • اتساق أقوال الأطراف: تُولي المحكمة أهمية لتطابق أقوال المجني عليه مع الشهود والتقارير الرسمية.

مع الإشارة إلى أن الاتهام بالتحرش بدون دليل لا يُسقط الدعوى تلقائيًا، بل يُقيَّم ضمن ظروف الواقعة والأدلة المتاحة.

عقوبة التحرش في الامارات حسب القانون الاتحادي

شدّد القانون الاتحادي رقم 31 لسنة 2021 بشأن الجرائم والعقوبات على معاقبة كل من يرتكب فعلًا من أفعال التحرش، سواء كان جسديًا أو لفظيًا أو بالإشارة، باعتباره اعتداءً على كرامة الإنسان وحياءه العام.

تنص المادة (413) من القانون المذكور على أن:

«كل من تعمّد التعرض للغير على وجهٍ يخدش الحياء بالقول أو الفعل أو الإشارة بأي وسيلة كانت، يُعاقب بالحبس أو بالغرامة، أو بهما معًا.»

وتتدرّج عقوبة التحرش في الامارات بحسب جسامة الفعل والظروف المحيطة به على النحو الآتي:

  • التحرش اللفظي أو بالإشارة: يعاقب عليه بالحبس أو الغرامة التي لا تقل عن 10,000 درهم.
  • التحرش باللمس أو الاعتداء الجسدي: يُعد ظرفًا مشددًا، وتصل العقوبة فيه إلى الحبس مدة لا تقل عن سنة والغرامة التي لا تقل عن 20,000 درهم.
  • التحرش بطفل أو من ذوي الإعاقة: تُغلّظ العقوبة، وقد تصل إلى الحبس لعدة سنوات تبعًا لظروف الجريمة.
  • التحرش الإلكتروني: يُعاقب مرتكبه وفق أحكام الجرائم الإلكترونية المنصوص عليها في المرسوم بقانون اتحادي رقم 34 لسنة 2021 بشأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية.

ويُظهر هذا التنظيم التشريعي أن قانون التحرش في الامارات لا يقتصر على المظاهر التقليدية للجريمة، بل يمتد إلى كل سلوك مخل بالحياء يقع بأي وسيلة، حتى لو عبر المنصات الرقمية أو تطبيقات التواصل الاجتماعي.

اقرأ أيضًا عن: عقوبة التحرش اللفظي في الإمارات، عقوبة التحرش بالاطفال في الامارات، عقوبة التحرش الإلكتروني في الإمارات.

السوابق القضائية في قضايا التحرش بالإمارات

تُظهر أحكام المحاكم الإماراتية مدى صرامة القضاء في مواجهة جرائم التحرش، مع التزامه بتحقيق العدالة وفرض عقوبة التحرش في الامارات استنادًا إلى الأدلة والنية الجنائية.

  • محكمة دبي: أصدرت حكمًا بالحبس ثلاثة أشهر وغرامة على رجل أدين بالتحرش اللفظي بسيدة في مركز تجاري، استنادًا إلى شهادة المجني عليها وتسجيلات الكاميرات.
  • محكمة أبوظبي: قضت ببراءة متهم بعد أن ثبت أن سلوكه لم يكن ذا طابع جنسي، مؤكدة أن القصد الجنائي شرط أساسي في ثبوت الجريمة.
  • محكمة الفجيرة: أدانت متهمًا بالتحرش الإلكتروني عبر رسائل نصية، وحكمت عليه بالحبس ستة أشهر وغرامة 50,000 درهم.

توضح هذه الأحكام أن القضاء الإماراتي يوازن بين حماية الضحايا وضمان حقوق المتهمين، وأن التحرش الجنسي في أي صورة، سواء مباشر أو إلكتروني، يُعاقب عليه بصرامة وفق القانون الاتحادي.

حقوق الضحية وإمكانية التصالح في قضايا التحرش

يولي القانون الإماراتي أهمية كبيرة لحماية ضحايا التحرش وضمان كرامتهم، سواء من خلال سرعة الاستجابة الأمنية أو الدعم القانوني والنفسي المقدم من الجهات المختصة. وتتمثل أهم حقوق الضحية في:

  • تقديم بلاغ فوري إلى الشرطة أو النيابة العامة دون الحاجة إلى وجود شاهد.
  • طلب الحماية القانونية وعدم مواجهة المتهم أثناء التحقيق متى رأت النيابة ضرورة لذلك.
  • الاستفادة من الدعم الاجتماعي والنفسي عبر مراكز الدعم التابعة لوزارة الداخلية ومؤسسات حماية المرأة والطفل.
  • المطالبة بالتعويض المدني إذا ترتب على الجريمة ضرر مادي أو معنوي.

هل يجوز التصالح في جريمة التحرش؟

فيما يخص التصالح في قضايا التحرش، فإن القانون الإماراتي يفرّق بين نوعي الجرائم:

  • التحرش البسيط (اللفظي أو بالإشارة): قد يُقبل فيه التصالح أو التنازل إذا وافقت النيابة العامة، باعتباره من جرائم الشكوى.
  • التحرش الجسدي أو ضد قاصر أو من ذوي الإعاقة: لا يجوز فيه التصالح، لأنه يُعد جريمة تمس النظام العام والآداب العامة.

وبذلك، يحقق القانون توازنًا بين حماية حقوق الضحايا وضمان مبدأ العدالة، مع التأكيد على أن الكرامة الإنسانية هي خط أحمر لا يُمكن التنازل عنه في المجتمع الإماراتي.

الأسئلة الشائعة حول عقوبة التحرش في الامارات

تصل عقوبة التحرش باللمس في الإمارات إلى الحبس مدة لا تقل عن سنة والغرامة التي لا تقل عن 20,000 درهم، نظرًا لخطورة الفعل ومساسه المباشر بكرامة المجني عليه، حيث يُعد التحرش باللمس من الظروف المشددة في القانون.

لا توجد عقوبة للتحرش إذا لم تتوفر أدلة مادية كافية، إذ لا تُدان الجريمة تلقائيًا، لكن القاضي يقدّر الوقائع والقرائن، وقد يُبرَّأ المتهم أو تُحفظ الدعوى لعدم كفاية الأدلة.

نعم، في حالات التحرش البسيط مثل اللفظي أو بالإشارة، شريطة موافقة النيابة العامة. أما في التحرش الجسدي أو ضد قاصر، فلا يجوز التصالح مطلقًا.

إنّ عقوبة التحرش في الامارات تعكس التزام الدولة الراسخ بحماية كرامة الإنسان وصون القيم الاجتماعية، من خلال تشريعات رادعة توازن بين حماية الضحية وضمان محاكمة عادلة للمتهم. وقد تناول هذا المقال تعريف التحرش وأركانه وشروط إثباته والعقوبات المقررة له وفق القانون الاتحادي رقم 31 لسنة 2021، إلى جانب توضيح حقوق الضحايا وإمكانية التصالح في بعض الحالات المحدودة.

تبقى الرسالة الجوهرية هي أن احترام الخصوصية والحياء العام ليس فقط التزامًا قانونيًا، بل هو واجب إنساني يعكس حضارة المجتمع الإماراتي وتسامحه.

للحصول على استشارة قانونية متخصصة في قضايا التحرش داخل دولة الإمارات، يمكنك التواصل مباشرة مع محامي في ابوظبي مرخّص عبر زر الواتساب أسفل الشاشة.

قد يهمك أيضًا الحصول على تفاصيل شاملة عن الاعتداء الجنسي على الاطفال في الامارات.

تنويه قانوني:
المعلومات الواردة في هذا المقال لأغراض تثقيفية عامة، ولا تُعد مشورة قانونية. للحصول على استشارة مخصّصة لحالتك، يُرجى التواصل مع محامٍ معتمد في دولة الإمارات العربية المتحدة.

المصادر

تواصل مع المحامي
اتصل بنا