التشهير عبر وسائل التواصل الاجتماعي في القانون الاماراتي

التشهير عبر وسائل التواصل الاجتماعي في القانون الإماراتي 2025

في واقعة حديثة، نشرت موظفة منشورًا غاضبًا على إنستغرام تتهم فيه مديرتها بسوء المعاملة، وأرفقته بصورة دون إذن، ما أدى إلى دعوى قضائية بتهمة التشهير عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغرامة مالية كبيرة. تُظهر هذه الحالة كيف يمكن لمنشور بسيط أن يتحول إلى جريمة إلكترونية في الإمارات، حيث تُولي القوانين أهمية قصوى لحماية السمعة والخصوصية، حتى في الرسائل الخاصة.

في هذا المقال، نستعرض المفهوم القانوني للتشهير الإلكتروني، والمنصات المشمولة بالقانون الإماراتي، وخطوات الإبلاغ، وأبرز السوابق القضائية، إلى جانب خدماتنا القانونية المتخصصة في هذا المجال.

هل تعرضت لتشهير أو اتُّهمت به؟ تواصل مع محامٍ مختص عبر أرقامنا في صفحة اتصل بنا.

ما هو التشهير عبر وسائل التواصل الاجتماعي وفق القانون الإماراتي؟

يُعرَّف التشهير في السياق القانوني الإماراتي بأنه الإفصاح أو النشر المتعمّد لمعلومة أو صورة أو تصريح من شأنه الإضرار بسمعة شخص أو جهة، سواء كان ذلك صحيحًا أو كاذبًا، ويتم ذلك عبر وسيلة إلكترونية متاحة للجمهور أو لمجموعة من الأشخاص. ويُعامل هذا الفعل كجريمة متكاملة الأركان إذا اقترن بالقصد الجنائي والمسّ العلني بالسمعة.

وقد عالج المرسوم بقانون اتحادي رقم 34 لسنة 2021 بشأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية هذه المسألة بدقة، حيث نصّت المادة 43 منه على أن:

“كل من استخدم شبكة معلوماتية أو وسيلة تقنية لنشر ما من شأنه أن يسيء إلى سمعة شخص أو يعرّضه للازدراء يُعاقب بالسجن مدة لا تقل عن ستة أشهر وغرامة لا تقل عن 250 ألف درهم ولا تجاوز 500 ألف درهم”.

اللافت أن قانون الجرائم الالكترونية الإماراتي لا يشترط كذب المعلومة لتجريم التشهير، فحتى النشر الصحيح إذا تضمّن إساءة علنية قد يُشكل جريمة، ما يعكس حرص المشرّع الإماراتي على ضبط الخطاب الرقمي، وحماية الأفراد من التشهير تحت ستار حرية التعبير.

المنصات الرقمية والأفعال المشمولة في جرائم التشهير الإلكتروني

يشمل القانون الإماراتي جميع المنصات الرقمية المستخدمة للنشر أو المراسلة عند النظر في جرائم التشهير، سواء أكانت عامة أو خاصة. فبحسب المرسوم بقانون اتحادي رقم 34 لسنة 2021، تمتد الحماية القانونية إلى كل وسيلة تقنية تُستخدم للإساءة إلى سمعة الغير.

تشمل وسائل التواصل المشمولة بالتجريم القانوني:

  1. منصات التواصل الاجتماعي العامة: مثل إنستغرام، فيسبوك، تيك توك، سناب شات، تويتر (X)، يوتيوب.
  2. تطبيقات المراسلة الخاصة (عند تحقق الإساءة): مثل واتساب، تليغرام، ماسنجر، إيمو.
  3. الأفعال التي قد تُشكّل تشهيرًا:
    • النشر أو إعادة النشر لمحتوى مسيء.
    • التعليقات المسيئة أو المحرّضة.
    • الضغط على زر الإعجاب بقصد التشجيع على الإساءة.
    • استخدام الرموز التعبيرية أو الصور المركبة للإساءة.
    • تداول الرسائل الخاصة المسيئة ضمن مجموعات أو أكثر من شخص.

ولا يُشترط أن يكون المحتوى منشورًا علنًا، فحتى الرسائل الخاصة قد تُشكّل جريمة إذا تضمنت سبّ أو قذف واضح وأُثبت القصد الجنائي.

احصل على تفاصيل أكثر عن التشهير الالكتروني في القانون الاماراتي.

ما هي عقوبة التشهير عبر مواقع التواصل الاجتماعي في الإمارات؟

فرض المشرّع الإماراتي عقوبات صارمة على التشهير الإلكتروني، خاصة عندما يقع عبر منصات التواصل الاجتماعي، نظرًا لتأثيره السريع والواسع على سمعة الأفراد والجهات.

بحسب المادة 43 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 34 لسنة 2021 بشأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية، يُعاقب كل من نشر محتوى يُسيء إلى شخص أو جهة باستخدام وسيلة تقنية، بما يلي:

  • السجن لمدة لا تقل عن 6 أشهر
  • وغرامة مالية لا تقل عن 250,000 درهم ولا تتجاوز 500,000 درهم
  • قد تُضاعف العقوبة إذا كان المجني عليه موظفًا عامًا، أو إذا تضمنت الجريمة عنصرًا تحريضيًا، أو مست الكرامة العرقية أو الدينية.

كما يحق للمجني عليه، إلى جانب العقوبة الجنائية، رفع دعوى مدنية للمطالبة بالتعويض عن الضرر الذي لحق به نتيجة النشر المسيء، سواء كان ماديًا (مثل فقدان وظيفة أو دخل) أو معنويًا (مثل الأذى النفسي أو الإضرار بالسمعة).

اقرأ أيضًا عن عقوبة التشهير في القانون الاماراتي وأركان الجريمة.

إجراءات الإبلاغ عن التشهير الإلكتروني في الإمارات

تتيح الجهات المختصة في دولة الإمارات العربية المتحدة عددًا من القنوات الرسمية لتقديم بلاغات بشأن جرائم التشهير عبر وسائل التواصل الاجتماعي، سواء من قبل الأفراد المتضررين أو من ينوب عنهم قانوناً. وتحرص الدولة على معالجة هذه القضايا بسرعة وفعالية، لما لها من أثر مباشر على السمعة والخصوصية.

وفيما يلي خطوات الإبلاغ عن واقعة تشهير إلكتروني خطوة بخطوة:

  1. توثيق المحتوى المسيء: قبل الإبلاغ، يجب الاحتفاظ بنسخة من المحتوى محل التشهير (صور، فيديو، تعليقات، رسائل…) مع تسجيل تاريخ النشر أو الإرسال.
  2. تقديم البلاغ إلى الجهات المختصة: يمكن التوجه إلى إحدى الجهات التالية:
    • النيابة العامة الاتحادية عبر تطبيقها الذكي أو موقعها الإلكتروني.
    • القيادة العامة لشرطة دبي – قسم الجرائم الإلكترونية.
    • وزارة الداخلية – منصة eCrime.
  3. تحديد بيانات المشتكى عليه (إن أمكن): مثل اسم الحساب، رقم الهاتف، البريد الإلكتروني، أو أي معلومة قد تساعد في التعرف على الجاني.
  4. المتابعة القانونية: بعد تقديم البلاغ، يتم فتح تحقيق رسمي وقد يُطلب الحضور للإدلاء بأقوالك أو تقديم مستندات إضافية، وتُحال القضية إلى النيابة العامة ثم المحكمة المختصة.

ملاحظة مهمة:
يُفضل عدم الرد على المحتوى المسيء أو نشره مجددًا، لأن ذلك قد يُفسَّر على أنه مشاركة في التشهير أو يؤثر على مسار التحقيق.

السوابق القضائية في قضايا التشهير الإلكتروني

برزت عدة قضايا في الإمارات تحمل عبرة مهمة لمن يفكر في نشر انتقادات أو تهم على الإنترنت. فيما يلي عرض موجز لعدد من السوابق البارزة:

  • قضية النشر الدولي وتأثيرها في الإمارات: قضت محكمة التمييز في أبوظبي بأن مجرد نشر البيان التشهيري في دولة أخرى لا يمنع الجهات القضائية الإماراتية من النظر في الدعوى، إذا كان الضرر الحاصل في الإمارات، باعتبار أن وجود الصلة بوقوع الضرر يكفي لصلاحية القضاء الإماراتي.
  • قضية والد يصدر تصريح تهديد عبر الإنترنت: أمرت محكمة بإلزام والد بدفع غرامة مقدارها 3,000 درهم نتيجة تهديد ابنه لرجلٍ عبر وسائل التواصل، مع مراعاة التشريعات المتعلقة بالإساءة الرقمية والعقوبات المنصوص عليها في قانون الجرائم الإلكترونية.
  • استخدام الرسائل الإلكترونية كدليل في دعاوى التشهير: في عدة قضايا أمام النيابة والمحاكم، تم قبول رسائل واتساب، والبريد الإلكتروني، والرسائل الفورية كأدلة صحيحة، بموجب قانون الأدلة الاتحادي (المادة 53 وما بعدها) الذي يعترف بالأدلة الإلكترونية.

هذه الأمثلة تُظهر أن القضاء الإماراتي لا يتهاون في قضايا التشهير الإلكتروني، ويأخذ بعين الاعتبار النشر المحلي أو الدولي، ونوعية الأدلة الإلكترونية، وسياق الضرر الواقع.

خدمات مكتبنا في قضايا التشهير الإلكتروني

يتعامل مكتبنا مع قضايا التشهير عبر وسائل التواصل الاجتماعي وفق أحدث التشريعات والممارسات القضائية في دولة الإمارات العربية المتحدة، مع الالتزام الكامل بسرّية المعلومات وحماية مصالح العملاء.

نُقدّم لعملائنا الخدمات التالية:

  • التمثيل القانوني الكامل أمام النيابة العامة والمحاكم الجزائية والمدنية في جميع مراحل الدعوى.
  • صياغة وتقديم الشكاوى الرسمية للجهات المختصة، مثل النيابة العامة، شرطة الجرائم الإلكترونية، وهيئة تنظيم الاتصالات.
  • تحليل الأدلة الرقمية وتقييم المخاطر، بما يشمل الصور، الرسائل، المنشورات، التعليقات، وتقديمها بطريقة قانونية تحفظ الحقوق.
  • التفاوض والوساطة القانونية لحل النزاع ودياً عند رغبة الأطراف، مع حماية الموقف القانوني للعميل.
  • المطالبة بالتعويض المدني عن الضرر المادي أو المعنوي الناتج عن التشهير، أو الدفاع في مواجهة دعاوى تعويض غير مبررة.

نحرص على اتباع نهج قانوني دقيق، مع شرح مبسّط للعميل عن الإجراءات، للاستشارة مع محامي جرائم الكترونية حول قضية تشهير إلكتروني، اضغط زر الواتساب أسفل الشاشة.

الأسئلة الشائعة حول التشهير عبر وسائل التواصل الاجتماعي

يعاقَب مرتكب جريمة السب أو القذف عبر الإنترنت بالسجن مدة لا تقل عن 6 أشهر، وغرامة مالية من 250,000 إلى 500,000 درهم، وفقاً للمادة 43 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 34 لسنة 2021. وتُشدد العقوبة في حال تكرار الجريمة أو إذا استهدفت موظفًا عامًا أو جهة رسمية.

يعاقب ناشر الشائعات بالسجن المؤقت وبغرامة تصل إلى مليون درهم، وفق المادة 52 من قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية، خاصة إذا ثبت أن النشر تم خلال الأزمات أو الكوارث.

جريمة الإساءة للغير عبر شبكات التواصل الاجتماعي هي استخدام أي وسيلة إلكترونية للإساءة إلى كرامة أو سمعة شخص طبيعي أو اعتباري، سواء باللفظ، الصورة، التعليق، أو حتى بالإيموجي، وتُعامل كجريمة معلوماتية تستوجب العقاب الجنائي.

إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي هو توظيف هذه الوسائل في غير أهدافها المشروعة، مثل التشهير، الابتزاز، التحريض، أو نشر الكراهية، وهي أفعال تُجرمها قوانين دولة الإمارات وتُعاقب مرتكبيها جنائيًا ومدنيًا.

نعم، يجوز للمتضرر بعد ثبوت الجريمة أن يرفع دعوى مدنية للمطالبة بالتعويض عن الضرر المادي أو المعنوي، ويمكن أن يترافق ذلك مع الدعوى الجزائية أو يتم تقديمه بشكل مستقل أمام المحكمة المدنية.

أصبحت جرائم التشهير عبر وسائل التواصل الاجتماعي في الإمارات من القضايا المتكررة التي لا تُعذر فيها الجهالة بالقانون. فالتعليق غير المحسوب أو مشاركة منشور مسيء قد يُعرّض صاحبه للمساءلة القانونية، سواء من الناحية الجنائية أو المدنية.

استعرضنا في هذا المقال الأساس القانوني للتشهير الرقمي، والعقوبات المترتبة عليه، والجهات المختصة بالإبلاغ، إلى جانب أبرز السوابق القضائية ذات الصلة، والخدمات التي يُقدمها مكتبنا لدعم المتضررين أو الدفاع عن المتهمين في مثل هذه القضايا.

للحصول على استشارة قانونية مخصصة من محامي في ابوظبي مرخّص في دولة الإمارات بشأن قضايا التشهير الإلكتروني، يرجى الضغط على زر الواتساب أسفل الشاشة.

تنويه قانوني:
المعلومات الواردة في هذا المقال لأغراض تثقيفية ولا تُعد بديلاً عن الاستشارة القانونية المتخصصة. للحصول على مشورة قانونية دقيقة، يُرجى التواصل مع محامٍ مرخص في دولة الإمارات العربية المتحدة.

المصادر

تواصل مع المحامي
اتصل بنا