عقوبة التشهير في القانون الاماراتي

عقوبة التشهير في القانون الاماراتي وأركان الجريمة

يُعد التشهير في القانون الاماراتي من الجرائم التي يوليها المشرّع أهمية بالغة نظرًا لما تسببه من أذى مباشر لسمعة الأفراد واعتبارهم في المجتمع. ففي إحدى القضايا الحديثة، تعرّض رجل أعمال لإشاعات مغرضة نُشرت في محيطه المهني، ما أثّر على مكانته وتسبّب بخسائر ملموسة، ليُطرح السؤال: متى يُعد النشر تشهيرًا؟ وما العقوبة التي تترتب عليه؟

نُسلّط في هذا المقال الضوء على مفهوم التشهير وفق التشريعات الإماراتية، ونشرح أركان الجريمة، العقوبات المنصوص عليها، وخطوات تقديم شكوى رسمية بحق من يسيء علنًا إلى الغير.

هل تعرّضت للتشهير وتبحث عن محامٍ مختص؟ تواصل معنا عبر أرقامنا في صفحة اتصل بنا.

ما هو التشهير في القانون الاماراتي؟

يُعرّف التشهير في القانون الاماراتي بأنه إسناد واقعة إلى شخص أو جهة، من شأنها أن تسيء إلى سمعته أو تحطّ من قدره في أعين الناس، إذا تم ذلك علناً. ويشمل ذلك كل وسيلة تؤدي إلى نشر الإساءة بشكل متاح للغير، سواء بالكلام أو الكتابة أو الإشارة أو حتى الرسوم والصور.

ويُعتبر العلَن أو النشر العلني هو العنصر الجوهري الذي يُميّز التشهير عن مجرد النقد أو الإهانة الشخصية، إذ يشترط القانون أن تكون الإساءة قد انتشرت بالفعل أو كانت مُهيّأة للانتشار، وهو ما يتحقق بالنشر عبر:

  • المجالس العامة أو الأماكن المفتوحة.
  • الصحف والمجلات.
  • الرسائل الجماعية.
  • الإذاعة والتلفاز.
  • المنصات الإلكترونية.

الفرق بين التشهير والنقد أو الإبلاغ المشروع

من المهم التفرقة بين التشهير المُجرّم والنقد البنّاء أو الإبلاغ المشروع. فمثلًا، إذا أدلى شخص بشكوى لجهة رسمية دون نشرها للعلن، فهذا لا يُعد تشهيراً، بل ممارسة لحق قانوني. أما إذا قام بنشر تلك الادعاءات على الملأ دون دليل، فقد يقع تحت طائلة المسؤولية الجنائية.

أركان جريمة التشهير في القانون الاماراتي

لتقوم جريمة التشهير في القانون الإماراتي، لا بد من توافر ثلاثة أركان أساسية حددها الفقه والقضاء، وهي:

الركن المادي

وهو السلوك الظاهر الذي يقوم به الجاني ويشمل:

  • الفعل الإجرامي: مثل نشر ادعاءات مسيئة، أو اتهامات غير مثبتة، أو تعليقات مُهينة.
  • وسيلة النشر: قد تكون شفهية أو كتابية أو مرئية. يشترط أن تكون موجهة إلى الغير (أي تمّت علناً).
  • العنصر العلني: العلنية عنصر جوهري في التشهير، ويُقصد بها وصول الإساءة إلى عدد غير محدد من الناس، سواء في مكان عام أو عبر وسائل الإعلام أو الإنترنت.

الركن المعنوي

يشترط توافر القصد الجنائي، أي:

  • علم الجاني بأن ما ينشره قد يسيء إلى المجني عليه.
  • توجّه إرادته للإضرار بسمعة المجني عليه أو التشهير به.
  • لا يُشترط أن يكون الضرر قد وقع فعلاً، بل يكفي أن يكون محتمل الوقوع.

الركن الشرعي

وهو وجود نص قانوني يجرّم الفعل. وقد نصّ القانون الاتحادي على تجريم التشهير في أكثر من موضع، أبرزها:

  1. قانون العقوبات الاتحادي رقم 31 لسنة 2021 (المعدل)، ضمن باب الجرائم الماسة بالشرف والاعتبار.
  2. قانون مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية رقم 34 لسنة 2021، فيما يخص النشر عبر الوسائل التقنية.

ويُعد توافر هذه الأركان الثلاثة مجتمعة شرطًا جوهريًا لتحريك الدعوى الجزائية ضد مرتكب فعل التشهير، حيث لا تقوم الجريمة قانونًا إذا اختل أحدها.

عقوبة التشهير في القانون الاماراتي

وفقًا لأحكام قانون الجرائم والعقوبات الاتحادي رقم 31 لسنة 2021 وقانون مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية رقم 34 لسنة 2021، يُعاقب التشهير بأنواعه حسب المادة وظروف ارتكابه، ويُشدد في حالات معيّنة.

فيما يلي أهم العقوبات المرتبطة بالتشهير:

  • التشهير بإسناد واقعة تعرض صاحبها للعقاب أو ازدراء الجمهور: تحدد المادة 425 من قانون الجرائم والعقوبات أن من يُنسب إلى شخص فعلًا من شأنه أن يجعله معرضًا للعقاب أو للازدراء العام يُعاقب بالسجن إلى مدة لا تزيد على سنتين، أو بغرامة لا تتجاوز 20,000 درهم، أو بكليهما.
  • التشهير بالإهانة أو السب العلني دون نسبة واقعة محددة: تنص المادة 426 من قانون العقوبات على أن من يُقدّم سبًّا أو إهانة علنية تضرّ بكرامة الشخص يُعاقب بالسجن إلى سنة أو بغرامة تصل إلى 20,000 درهم.
  • التشهير عبر الهاتف أو بسماع شخص لآخر أمام الغير: تنص المادة 427 على أن من يشهّر عبر الهاتف أو بصيغة تُسجَّل في وجود الغير قد يُعاقب بالسجن إلى ستة أشهر أو بغرامة تصل إلى 5,000 درهم.
  • التشهير باستخدام الوسائل التقنية أو الشبكات المعلوماتية: وفقًا لقانون مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية (المادة 43–44 وأحكام مرتبطة)، يُعاقب من ينشر التشهير إلكترونيًا، بصور أو فيديو أو منشورات، بالسجن والغرامة التي قد تصل إلى 500,000 درهم على سبيل المثال في حالات النشر الشديد التأثير.

ظروف تشديد العقوبة

قد تُشدد العقوبة المقررة لجريمة التشهير في الحالات التالية:

  • إذا وُجّهت الإساءة إلى موظف عام بسبب أو أثناء تأدية وظيفته.
  • إذا تم التشهير عبر وسائل إعلامية أو إلكترونية واسعة الانتشار مثل الصحف أو المنصات الاجتماعية.
  • إذا اقترنت الجريمة بـقصد الإضرار أو الانتقام أو وقعت لأغراض غير مشروعة.
  • في حال تكرار الجريمة أو صدور أكثر من منشور مسيء بحق ذات الشخص.

وتُقدَّر العقوبة المناسبة وفقًا لخطورة الفعل، وطبيعة الوسيلة المستخدمة، والضرر الناتج، مع سلطة تقديرية للقضاء في توصيف الجريمة وتشديد العقوبة عند توافر ظروف مشددة.

كيفية رفع دعوى تشهير في الإمارات

إذا تعرّض شخص للتشهير، سواء عبر وسائل تقليدية أو إلكترونية، فبإمكانه اللجوء إلى الجهات القضائية المختصة لطلب الحماية ورفع الضرر. ويتطلب رفع دعوى تشهير في الإمارات اتباع خطوات إجرائية محددة يكفلها قانون التشهير في الإمارات، وهي:

  1. تقديم بلاغ رسمي: يُقدَّم البلاغ في مركز الشرطة التابع لمكان وقوع الجريمة أو في النيابة العامة. يجب أن يتضمّن البلاغ تفصيلاً للوقائع، وأدلة مادية تدعم الادعاء (مثل صور، تسجيلات، روابط إلكترونية، شهود…).
  2. فتح تحقيق جزائي: تقوم النيابة العامة بالتحقيق في الوقائع، وقد تُخضع المشتبه به للاستجواب، وتطلب تقارير فنية، لا سيما في الحالات التي تتضمن محتوى إلكتروني أو منشورات على الإنترنت.
  3. إحالة الدعوى إلى المحكمة: إذا توافرت أدلة كافية، تُحال القضية إلى المحكمة الجزائية المختصة، التي تنظر في الاتهام وتُصدر حكمها بناءً على الوقائع والقانون.
  4. المطالبة بالتعويض المدني (اختياري): يمكن للمجني عليه، إلى جانب الدعوى الجزائية، أن يرفع دعوى مدنية منفصلة للمطالبة بالتعويض عن الأضرار المادية والمعنوية الناتجة عن التشهير.
  5. مدة التقادم: يجب الانتباه إلى أن دعاوى التشهير تخضع لمدة تقادم محددة، عادة لا تتجاوز 3 سنوات من تاريخ العلم بالجريمة أو وقوعها، ما لم تتوافر ظروف استثنائية.

يُستحسن دائمًا توكيل محامي في ابوظبي مختص في الجرائم الإلكترونية والإعلامية لضمان تقديم ملف قانوني محكم، وتعزيز فرص النجاح في الدعوى.

السوابق القضائية في دعاوى التشهير

تلعب الأحكام القضائية دورًا مهمًّا في تفسير النصوص القانونية وتوضيح حدود المسؤولية في قضايا التشهير. فيما يلي أمثلة لبعض الأحكام الإماراتية ذات الدلالة:

  • في حكم لمحكمة الاستئناف في دبي، تم تأكيد إدانة ممرضة تقدّمت بمراجعة على جوجل تضمنت اتهامات مسيئة بحق زميلاتها، وألزمت المحكمة المتهمة بحذف المحتوى المسيء وتحميلها غرامة وفق قانون الجرائم الإلكترونية، مؤكدة أن التشهير على الإنترنت تُعامل بجدية مماثلة للوسائل التقليدية.
  • حكم من محكمة النقض في أبوظبي (محكمة التمييز) قضى بأن مجرد وقوع الضرر لسمعة الشخص داخل الإمارات، حتى لو نُشرت العبارة في الخارج، يكفي لمنح المحاكم الإماراتية اختصاص نظر الدعوى، على أساس أن المكان الذي تحقق فيه الضرر يعد ارتباطاً كافياً لرفع الدعوى فيها.
  • في قضية تحمل الرقم UAE 1657/2023 تم تداول دعوى تشهير بين الزوج وزوجته أمام المحاكم الإماراتية، حيث تطرّقت القضية إلى مسائل الأدلة المساندة وإثبات وقوع التشهير، وأكد القاضي أهمية الربط بين الفعل المشهر والضرر الواقع في الإمارات.

وتؤكد هذه الأحكام القضائية أن القضاء الإماراتي يتعامل بصرامة مع جرائم التشهير، سواء وقعت في المحيط التقليدي أو عبر الفضاء الإلكتروني، مع مراعاة ضرر السمعة كعنصر جوهري في تقدير العقوبة.

دور المحامي في قضايا التشهير في الإمارات

يُعد وجود محامٍ مختص عنصرًا أساسيًا في النجاح بالتصدي لقضايا التشهير، لما لها من حساسية قانونية وإجرائية. وتشمل مهام المحامي في هذه القضايا ما يلي:

  • تحليل الواقعة بدقة لتحديد ما إذا كانت تندرج ضمن التشهير المعاقب عليه قانونًا.
  • جمع وتوثيق الأدلة كالمراسلات، الصور، التسجيلات، أو الروابط الإلكترونية.
  • صياغة البلاغ الجنائي أو المذكرة الدفاعية وفق النصوص القانونية المطبقة.
  • تمثيل الموكل أمام الشرطة والنيابة العامة والمحاكم في جميع مراحل الدعوى.
  • المطالبة بالتعويض المدني عن الأضرار المعنوية أو المادية إن وُجدت.
  • تقديم الاستشارات الوقائية لتجنب الوقوع في فخ التشهير غير المقصود.

إذا كنت تواجه قضية تشهير أو ترغب في حماية سمعتك القانونية، لا تتردد في التواصل معنا عبر زر الواتساب أسفل الشاشة، وسيتولى فريقنا المختص دعمك بكل مهنية وسرية.

الأسئلة الشائعة حول التشهير في القانون الاماراتي

التشهير هو إسناد واقعة علنية إلى شخص من شأنها النيل من سمعته أو مكانته الاجتماعية، سواء بالكلام أو الكتابة أو الوسائل الإلكترونية، بقصد الإضرار به.

تتراوح عقوبة التشهير في الامارات بين الغرامة والسجن، وقد تصل الغرامة إلى 500,000 درهم في حالة التشهير الإلكتروني، وفقًا لطبيعة الوسيلة وظروف الواقعة.

الفرق بين التشهير والسب والقذف هو أن التشهير يتطلب نشر علني لواقعة تُسيء إلى الشخص، بينما السب يكون بإهانة لفظية أو كتابية دون واقعة، أما القذف فيتضمن اتهامًا بواقعة جنائية صريحة.

نعم، يمكن للمجني عليه أن يرفع دعوى مدنية مستقلة للمطالبة بالتعويض عن الضرر المعنوي أو المادي الناتج عن واقعة التشهير.

عادة تخضع دعاوى التشهير لمدة تقادم قدرها 3 سنوات من تاريخ العلم بالجريمة، ما لم تتوفر حالات استثنائية أو ظروف قانونية تمنع ذلك.

يُظهر التشهير في القانون الاماراتي مدى التوازن الذي يسعى إليه المشرّع بين حرية التعبير من جهة، وحماية السمعة والكرامة من جهة أخرى. ومع تطور وسائل النشر، ازدادت التحديات القانونية، مما يتطلب وعيًا قانونيًا واضحًا وإجراءات مدروسة عند التعرّض للإساءة أو حتى عند التعبير عن الرأي.

إذا كنت ضحية للتشهير أو تواجه اتهامًا به، فريقنا القانوني المختص مستعد لمساعدتك عبر زر الواتساب أسفل الشاشة بكل سرية ومهنية.

قد يهمك أيضًا:

تنويه قانوني:
المعلومات الواردة في هذا المقال لأغراض تثقيفية ولا تشكّل مشورة قانونية. للحصول على استشارة مخصّصة يُرجى التواصل مع محامٍ مرخص في دولة الإمارات العربية المتحدة.

المصادر

تواصل مع المحامي
اتصل بنا