عقوبة التهديد في الإمارات

عقوبة التهديد في الإمارات: دليل شامل حسب الأنواع

في إحدى القضايا التي نظرتها محكمة في أبوظبي، أرسل شخص رسالة صوتية عبر واتساب يتوعد فيها زميله بالإيذاء إن لم يتراجع عن شكوى قانونية قدّمها ضده. لم يدرك أن هذا الفعل سيقوده إلى دعوى جنائية وحكم بالسجن والغرامة، وفق عقوبة التهديد في الإمارات.

فقد شدد المشرّع الإماراتي العقوبة على كل تهديد يُستخدم لإلحاق الأذى النفسي أو الجسدي، سواء تم شفهيًا أو كتابيًا أو إلكترونيًا. في هذا المقال، نعرض لك تفاصيل عقوبة التهديد في القانون الإماراتي، ونشرح أركان الجريمة، مع بيان أنواع التهديد، وكيفية التبليغ.

هل تواجه تهديدًا أو تُتهم به؟ للتواصل مع محامي في ابوظبي مختص، اضغط زر الواتساب أسفل الشاشة.

معنى التهديد في القانون الإماراتي

يُعرّف التهديد في السياق القانوني الإماراتي بأنه كل قول أو فعل أو إشارة تنطوي على وعيد بإلحاق ضرر مادي أو معنوي بشخص آخر، بقصد ترويعه أو التأثير على إرادته، سواء تحققت النتيجة أم لا. ويشمل ذلك التهديد بالقتل، أو التهديد بالسلاح أو الإيذاء الجسدي، أو الإضرار بالممتلكات، أو الإساءة إلى السمعة، أو فضح أسرار خاصة.

لا يقتصر التهديد في القانون الإماراتي على الأفعال المباشرة، بل يشمل أيضًا:

  • التهديد الكتابي: عبر الرسائل النصية أو البريد الإلكتروني.
  • التهديد الشفهي: سواء بحضور شهود أو في مكالمة مسجلة.
  • التهديد الإلكتروني: عبر وسائل التواصل الاجتماعي مثل واتساب أو إنستغرام أو تليغرام.
  • التهديد غير المباشر: إذا تضمّن إشارات أو تلميحات يُفهم منها التهديد بوضوح.

وتُعد نية التخويف أو الإكراه أو الابتزاز شرطًا أساسيًا لتحقق الجريمة، حتى وإن لم يُنفذ التهديد فعليًا.

أركان جريمة التهديد في القانون الإماراتي

لكي يُعاقب الفعل كجريمة تهديد في القانون الإماراتي، لا بد من توافر ثلاثة أركان أساسية تقوم عليها المسؤولية الجنائية، وهي:

الركن المادي

يتمثل في السلوك الخارجي المتمثل بالقول أو الفعل الذي يتضمن التهديد، سواء كان صريحًا أو ضمنيًا، مباشرًا أو غير مباشر. ويشمل ذلك التهديد اللفظي أو المكتوب في رسالة أو منشور إلكتروني، أو التهديد المصور، أو التهديد عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

الركن المعنوي (القصد الجنائي)

يجب أن يكون الجاني عالمًا بأن سلوكه ينطوي على تهديد، وقاصدًا بذلك تخويف أو إرهاب المجني عليه، أو حمله على تصرف معين.

ولا يُشترط تحقق النتيجة (مثل تنفيذ الضرر فعليًا)، بل يكفي وجود نية التهديد وإحداث الأثر النفسي.

ركن النتيجة (الأثر النفسي)

يتعلق بتأثير التهديد على المجني عليه، مثل الشعور بالخوف أو القلق، أو اضطراره لاتخاذ قرار غير إرادته. ويُعتد بهذا الأثر في حال كان حقيقيًا وجادًا، وليس مجرد تهديد عبثي أو غير قابل للتنفيذ.

إذا اجتمعت هذه الأركان الثلاثة، اعتبر الفعل جريمة كاملة حتى وإن لم يتم تنفيذ التهديد أو لم يُلحَق ضرر فعلي.

عقوبة التهديد في الإمارات

تختلف عقوبة التهديد في الإمارات باختلاف وسيلة التهديد وخطورته والنية الكامنة وراءه، وذلك وفق ما نص عليه قانون العقوبات الاتحادي رقم 31 لسنة 2021. وفيما يلي أبرز الصور القانونية للتهديد والعقوبات المقررة لكل منها:

التهديد البسيط دون ابتزاز

إذا تضمّن التهديد وعيدًا بإلحاق الأذى دون أن يقترن بطلب أو ابتزاز، وكانت وسيلته غير علنية، فتكون العقوبة الحبس لمدة لا تزيد على سنة أو غرامة لا تتجاوز 10,000 درهم، وذلك وفق المادة 351.

التهديد المقترن بابتزاز أو طلب

إذا كان التهديد بهدف إرغام المجني عليه على القيام بفعل أو الامتناع عنه (مثل دفع مال أو التنازل عن حق)، فتُشدَّد العقوبة لتصل إلى الحبس لمدة لا تزيد على سنتين أو غرامة لا تتجاوز 20,000 درهم، بموجب المادة 352.

التهديد بارتكاب جريمة خطيرة (مثل القتل أو الإيذاء)

في حال تضمّن التهديد وعيدًا بجناية ضد النفس أو المال، فإن العقوبة ترتفع إلى الحبس من ثلاث إلى سبع سنوات، استنادًا إلى المادة 353.

التهديد بالقتل

إذا صرّح الجاني بتهديد صريح أو ضمني بالقتل، سواء كان التهديد لفظياً أو مكتوباً أو عبر وسيلة إلكترونية، فتُطبق عقوبة الحبس من ثلاث إلى سبع سنوات، كما نصت المادة 353، وتُشدد العقوبة في حال تحقق القصد الجنائي أو استخدام وسيلة خطيرة.

التهديد بالسلاح

إذا تم التهديد باستخدام سلاح ناري أو أبيض – حتى لو كان غير محشو أو مزيف – فإن الجريمة تُعد مشددة، وقد تصل عقوبتها إلى السجن لمدة لا تقل عن سبع سنوات، حسب المادة 384 من القانون ذاته، إضافة إلى تطبيق أحكام قانون تنظيم الأسلحة والذخائر.

التهديد الإلكتروني عبر وسائل التواصل الاجتماعي

عند ارتكاب جريمة التهديد باستخدام وسيلة تقنية (مثل واتساب، إنستغرام، البريد الإلكتروني)، تُطبَّق العقوبات المذكورة بحسب نوع التهديد، مع إمكانية تشديد العقوبة بموجب المرسوم بقانون اتحادي رقم 34 لسنة 2021 بشأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية، خصوصاً في الحالات العلنية أو ذات الطابع العام.

تُظهر هذه التنوعات في العقوبة مدى صرامة القانون الإماراتي في التصدي لجريمة التهديد بجميع صورها، مع مراعاة خطورة الوسيلة المستخدمة والقصد الجنائي وراء كل فعل.

هل يُعد التهديد عبر وسائل التواصل الاجتماعي جريمة مشددة؟

نعم، يُعامل التهديد الإلكتروني في دولة الإمارات باعتباره ظرفًا مشددًا للعقوبة، خصوصًا إذا تم باستخدام وسائل علنية أو بلغ جمهورًا واسعًا، مثل منشور على إنستغرام أو تعليق على فيسبوك.

فوفقًا لما نص عليه المرسوم بقانون اتحادي رقم 34 لسنة 2021 بشأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية، فإن استخدام الوسائل التقنية في ارتكاب جرائم التهديد، السب، أو الابتزاز، يُعرض الجاني لعقوبات مشددة، تتراوح بين:

  • الحبس من سنتين إلى عشر سنوات
  • وغرامات قد تصل إلى 500,000 درهم

وقد شدد القانون العقوبة في الحالات التالية:

  • إذا استُخدمت وسيلة تكنولوجية للوصول إلى أكثر من شخص
  • إذا وُجه التهديد إلى جهة عامة أو شخصية اعتبارية
  • إذا اقترن التهديد بطلب مالي أو كشف أسرار خاصة

كما أن توثيق التهديد الإلكتروني (مثل الرسائل، لقطات الشاشة، التسجيلات الصوتية) يُعد دليلاً مقبولاً أمام المحاكم، ما يسهل ملاحقة الجناة حتى وإن تم حذف الرسائل لاحقًا.

إجراءات تقديم بلاغ رسمي في حالات التهديد

تُتيح السلطات الإماراتية للمتضررين من جرائم التهديد، سواء كانت تقليدية أو إلكترونية، تقديم بلاغ رسمي لحمايتهم وملاحقة الجناة وفق الإجراءات القانونية المقررة. وتتم عملية الإبلاغ من خلال قنوات متعددة تُراعي سهولة الوصول وسرعة التدخّل.

خطوات تقديم بلاغ عن التهديد:

  1. توثيق الواقعة: يُنصح بتوثيق كل ما يتعلق بالتهديد، سواء كان رسالة نصية، تسجيل صوتي، بريد إلكتروني، أو منشور عبر وسائل التواصل. يجب أن يكون التوثيق واضحًا ويُظهر التوقيت وهوية المرسل قدر الإمكان.
  2. التوجه إلى الجهة المختصة: يمكن تقديم البلاغ عبر واحدة من الوسائل الآتية:
    • القيادة العامة لشرطة دبي – قسم مكافحة الجرائم الإلكترونية.
    • وزارة الداخلية – عبر منصة eCrime الرسمية.
    • النيابة العامة الاتحادية – عبر التطبيق الذكي أو الموقع الإلكتروني.
    • مراكز الشرطة المحلية في جميع الإمارات.
  3. تقديم البيانات اللازمة: يُطلب من المشتكي تقديم بيانات المشتكى عليه (إن توفرت)، مثل رقم الهاتف، الحساب الإلكتروني، أو أي دليل يمكن أن يُسهّل التعرف على الفاعل.
  4. متابعة الإجراءات القانونية: بعد تسجيل البلاغ، تُباشر الجهات المختصة التحقيق، وقد تُستدعى الأطراف للاستماع إلى أقوالهم، ومن ثم تُحال القضية إلى النيابة العامة والمحكمة المختصة.

نصيحة قانونية مهمة:

لا يُنصح بالرد على التهديد أو مواجهته ذاتيًا، إذ قد يؤدي ذلك إلى تفاقم الموقف أو التأثير على مسار التحقيق. الأفضل اللجوء إلى القانون مباشرة.

دور المحامي في قضايا التهديد في الإمارات

في قضايا التهديد، سواء كانت شفهية أو مكتوبة أو إلكترونية، يلعب المحامي دورًا محوريًا في حماية حقوق الأطراف، سواء كانوا متضررين أو متهمين. فالمسائل المتعلقة بإثبات النية الجنائية، وتفسير العبارات، وتقييم الأدلة الرقمية تتطلب خبرة قانونية دقيقة.

من أبرز ما يقدمه المحامي في هذا النوع من القضايا:

  • تقديم الاستشارة القانونية حول إمكانية قيام الجريمة، وطرق إثباتها أو الدفاع ضدها.
  • صياغة البلاغات والمذكرات القانونية بشكل دقيق يعزز موقف العميل.
  • تمثيل الأطراف أمام الشرطة والنيابة العامة والمحاكم، وضمان حقوقهم في كافة مراحل التحقيق والمحاكمة.
  • المرافعة والدفع ببطلان الأدلة أو نفي القصد الجنائي إذا كان المتهم بريئًا.
  • المطالبة بالتعويض في حال ثبوت الجريمة، أو الرد على ادعاءات كيدية تفتقر للأدلة.

يُعد وجود محامٍ مختص عاملاً حاسماً في تحديد مسار القضية، سواء باتجاه الإدانة أو البراءة أو التسوية القانونية.

الأسئلة الشائعة حول عقوبة التهديد في الإمارات

تختلف العقوبة حسب نوع التهديد، وتتراوح بين الحبس لمدة سنة في التهديد البسيط، والسجن حتى سبع سنوات في حالة التهديد بالقتل أو بالسلاح، كما قد تتضاعف العقوبة إذا تم ارتكاب التهديد باستخدام وسيلة إلكترونية وفق المرسوم بقانون اتحادي رقم 34 لسنة 2021.

نعم، يُعد التهديد عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي مثل واتساب أو إنستغرام جريمة يعاقب عليها القانون الإماراتي، خصوصاً إذا اقترن بقصد الإيذاء أو التخويف. وتُعد هذه الوسائل ظرفًا مشددًا للعقوبة بموجب المرسوم بقانون اتحادي رقم 34 لسنة 2021 بشأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية.

تكون العقوبة إذا كان التهديد بالإيذاء الجسدي أو النفسي ولم يصل إلى حد التهديد بالقتل عادة الحبس لمدة لا تزيد على سنتين أو غرامة لا تتجاوز 20,000 درهم، وذلك وفقًا للمادة 352 من قانون العقوبات الاتحادي رقم 31 لسنة 2021، مع إمكانية تشديدها حسب وسيلة التهديد وظروف الواقعة.

لا، لا يُشترط وجود شهود في كل الحالات، خاصة إذا وُجدت أدلة رقمية مثل التسجيلات الصوتية أو رسائل مكتوبة. ومع ذلك، فإن وجود شاهد يُعزّز موقف المجني عليه أمام الجهات القضائية.

نعم، في بعض حالات التهديد البسيط، يُمكن للأطراف اللجوء إلى الصلح، خاصة إذا لم تكن الجريمة من الجرائم المُقيّدة للشكاية، أو لم تُقرن بسلاح أو تهديد علني. إلا أن النيابة العامة قد تتابع القضية من تلقاء نفسها إذا رأت خطورة في الفعل.

تُعد جريمة التهديد من الجرائم الخطيرة التي لا يتسامح معها القانون الإماراتي، سواء ارتُكبت بشكل مباشر أو عبر وسائل التواصل الحديثة. وقد أظهرنا في هذا المقال عقوبة التهديد في الإمارات، من التهديد البسيط إلى التهديد بالقتل أو بالسلاح، مع توضيح أركان الجريمة، وطرق التبليغ، ودور المحامي في الدفاع عن الحقوق.

هل تواجه بلاغ تهديد أو ترغب بتقديم شكوى؟ اضغط على أرقامنا في صفحة اتصل بنا للتواصل مع محامٍ مرخّص في الإمارات.

ننصحك بالاطلاع على عقوبة التهديد بالصور في القانون الإماراتي، وعقوبة التهديد بالكلام في القانون الإماراتي، ومعرفة عقوبة التهديد الالكتروني في القانون الإماراتي، وعقوبة التهديد بالرسائل في القانون الإماراتي، والتعرف على عقوبة التهديد بالسلاح في القانون الإماراتي.

تنويه قانوني:
المعلومات الواردة لأغراض تثقيفية فقط، ولا تُعد مشورة قانونية. للحصول على استشارة مخصصة يُرجى التواصل مع محامٍ مرخّص في دولة الإمارات العربية المتحدة.

المصادر

  • قانون العقوبات الاتحادي رقم 31 لسنة 2021.
  • المرسوم بقانون اتحادي رقم 34 لسنة 2021 بشأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية.
  • بوابة التشريعات الإماراتية.
تواصل مع المحامي
اتصل بنا