عقوبة التحرش اللفظي في الإمارات

عقوبة التحرش اللفظي في الإمارات وكيفية التعامل مع التحرش

عقوبة التحرش اللفظي في الإمارات ليست مجرد إجراء قانوني، بل تعبير صارم عن التزام الدولة بحماية كرامة الإنسان ومنع أي سلوك ينطوي على الإهانة أو التهديد أو الإيحاءات غير اللائقة. فقد نصّ قانون التحرش في الامارات بوضوح على تجريم التحرش اللفظي، سواء وقع في الأماكن العامة أو الخاصة أو عبر وسائل الاتصال الحديثة، باعتباره سلوكًا يخلّ بالأمن المجتمعي ويؤثر سلبًا في الضحية نفسيًا واجتماعيًا.

في هذا المقال، نستعرض التعريف القانوني للتحرش اللفظي، ونوضح عقوبة التحرش اللفظي في الإمارات كما حدّدها قانون العقوبات الإماراتي، مع استعراض قضية حقيقية وأهم الخطوات القانونية للتعامل مع هذه الجريمة.

هل تعرضت لتحرش لفظي وتحتاج استشارة قانونية؟ تواصل معنا عبر أرقامنا في صفحة اتصل بنا.

ما معنى التحرش اللفظي في القانون الإماراتي؟

يُعرّف التحرش اللفظي في القانون الإماراتي على أنه:

“إتيان فعل أو قول أو إشارة من شأنها أن تسيء إلى شخص آخر أو تنتهك خصوصيته أو تضعه في موقف غير مريح نفسيًا أو اجتماعيًا، ويكون ذلك بقصد الإساءة أو الإيذاء أو التهديد أو الإيحاء الجنسي، دون الحاجة إلى تماس جسدي.”

ورغم أن قانون العقوبات الإماراتي لا يستخدم مصطلح “التحرش اللفظي” حرفيًا، إلا أن أفعاله تندرج ضمن نطاق الجرائم المُجرّمة بموجب المادة 413 من القانون الاتحادي رقم 31 لسنة 2021 بشأن الجرائم والعقوبات، والتي تنص على تجريم كل من تعمّد مضايقة غيره بالقول أو الفعل في مكان عام أو خاص.

أبرز الأوصاف التي تندرج ضمن التحرش اللفظي:

  • استخدام كلمات أو عبارات ذات طابع جنسي أو إيحائي.
  • إطلاق تعليقات غير مرغوب فيها بشأن المظهر أو اللباس.
  • توجيه الشتائم أو الإهانات ذات البُعد الشخصي أو الجنسي.
  • التكرار في التحدث بأسلوب غير لائق رغم رفض الطرف الآخر.

ويتميّز هذا النوع من الجرائم بأنه لا يتطلب عنفًا ماديًا أو لمسًا، وإنما يُبنى على قصد الإزعاج والإساءة من خلال الكلمات، ويُعد ذلك كافيًا لتحريك الدعوى الجنائية.

عقوبة التحرش اللفظي في الإمارات

حُدّدت عقوبة التحرش اللفظي في الإمارات بموجب المادة 413 من القانون الاتحادي رقم 31 لسنة 2021 بشأن الجرائم والعقوبات، والتي تنص على أنه:

“يُعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة واحدة، أو بالغرامة التي لا تجاوز عشرة آلاف درهم، كل من تعمّد مضايقة غيره بالقول أو الفعل في مكان عام أو خاص.”

وبالتالي، فإن التحرش اللفظي – حتى وإن لم يتضمّن عنفًا جسديًا – يُعد جريمة يُعاقب عليها القانون، ويكفي لقيامها أن يتضمن الفعل أقوالًا أو إشارات تحمل طابعًا مسيئًا أو مهينًا أو موحِيًا جنسيًا، أو تمثل تدخلًا في خصوصية الغير دون موافقته.

وبالتالي فإن عقوبة التحرش اللفظي هي:

  • الحبس: مدة لا تتجاوز سنة واحدة
  • أو الغرامة: حتى 10,000 درهم
  • أو كلتاهما معًا، بحسب تقدير المحكمة لظروف الواقعة.

متى تُشدد عقوبة التحرش اللفظي؟

رغم أن المادة 413 وضعت حدًا عامًا للعقوبة، إلا أن هناك حالات يمكن أن تؤدي إلى تشديد العقوبة، ومنها:

  • تكرار الفعل من نفس الشخص ضد ذات الضحية أو أكثر من ضحية.
  • وقوع التحرش في بيئة العمل، ما يُعد خرقًا لقوانين الموارد البشرية والأخلاقيات المهنية.
  • استهداف قُصَّر أو فئات مستضعفة كالأشخاص ذوي الإعاقة أو الخادمات.
  • استخدام وسائل إلكترونية (مثل الرسائل النصية أو وسائل التواصل) لارتكاب التحرش، مما قد يُدخل الجريمة تحت طائلة قوانين الجرائم الإلكترونية.
  • وجود سوابق جنائية سابقة على المتهم في قضايا مماثلة.

في هذه الحالات، يُمكن للمحكمة تطبيق الحد الأقصى للعقوبة، أو حتى اعتبار الجريمة من النوع المشدّد الذي يستوجب مراجعة مواد قانونية أخرى تُضاعف العقوبة أو تغيّر تصنيف الجريمة.

احصل على تفاصيل أكثر عن عقوبة التحرش في الامارات.

قضية تحرش لفظي في الإمارات: مثال عملي

لتوضيح كيف تطبَّق نظريًّا أحكام عقوبة التحرش اللفظي في الإمارات على الواقع، نعرض هنا واحدة من القضايا التي تداولتها وسائل الإعلام، مع تحليل الجوانب القانونية والدروس المستفادة:

ملخص القضية:

في إمارة أبوظبي، رفعت امرأة دعوى قضائية ضد رجل اتهمته بإطلاق عبارات بذيئة ومسيئة ضدها، سواء بالحضور أو عبر رسائل هاتفية، ما أثّر على كرامتها النفسية. وقد طالبت المدعية بتعويض مادي ومعنوي عن الأذى الذي لحقت بها.

في البداية، قضت محكمة أول درجة ببراءة المتهم، لكن النيابة العامة استأنفت الحكم. في الاستئناف قرّرت المحكمة تغريمه مبلغ 2,000 درهم، وألزمه بدفع تعويض قدره 25,000 درهم للضرر المعنوي، إضافة إلى المصاريف القضائية. وقد رفضت المحكمة طلبًا للمدعية بتعويض مادي لعدم وجود أدلة على ضرر مالي حقيقي.

كما في قضية أخرى، أوقفت محكمة أبوظبي شخصًا وأمرت بدفع 20,000 درهم تعويضًا لمسائل تتعلق بإهانات أُرسلت عبر واتساب، بجانب تغريمه مبلغًا آخر ضمن الدعوى الجنائية.

التحليل القانوني من منظور المادة 413

في هذه القضية، الفعل المنسوب إلى المتهم يدخل في نطاق المادة 413 من القانون الاتحادي رقم 31 لسنة 2021 (مضايقة بالقول أو الفعل في مكان عام أو خاص).

  • رغم أن العقوبة الجنائية في المادة قد تصل إلى الحبس أو الغرامة أو كليهما، فإن المحاكم أحيانًا تختار عقوبة أخف (كالغرامة أو التعويض) إذا اعتُبر الفعل أقلّ خطرًا من جرائم أكثر جسامة.
  • الطلب المُقدَّم من المدعية لتعويض مالي لم يُقبل لعدم وجود أدلة كافية تثبت وجود ضرر مادي فعلي (مثل نفقات علاج نفسي أو تغيّب عن العمل).
  • فيما يتعلق بالتعويض المعنوي، رأت المحكمة أن الأذى النفسي الذي لحق بها يستوجب مبلغًا يعكس تأثرها، فجاءت قيمة 25,000 درهم كتعويض مناسب.

ملاحظات:

  • توفر الأدلة (مثل الرسائل أو التسجيلات) أمر ضروري لإثبات التحرش اللفظي أمام المحكمة.
  • العقوبة ليست دائمًا حبسًا؛ قد تكتفي المحكمة بالغرامة أو التعويض حسب جسامة الفعل.
  • التعويض المعنوي ممكن حتى دون ضرر مادي مباشر، ويُقدّر وفق الأثر النفسي على الضحية.
  • الاستئناف وسيلة فعّالة للطعن في حكم ابتدائي لم يُنصف الضحية.
  • القانون يفرّق بين العقوبة الجنائية (مثل الحبس أو الغرامة) والدعوى المدنية للتعويض.

كيفية التعامل مع التحرش اللفظي في الإمارات

إذا كنت ضحية لتحرش لفظي، فإن القانون الإماراتي يمنحك وسائل واضحة للحماية والملاحقة القضائية. لكن نجاحك في ذلك يعتمد على اتباع خطوات دقيقة من لحظة وقوع الفعل وحتى صدور الحكم.

الخطوات القانونية للتعامل مع التحرش اللفظي:

  1. توثيق الواقعة فورًا: احرص على حفظ أي دليل ممكن، مثل:
    • رسائل نصية أو إلكترونية
    • تسجيلات صوتية (إذا سمح بها القانون)
    • شهود عيان
    • تصوير الشاشة (في حالات التحرش عبر الإنترنت)
  2. تقديم بلاغ رسمي: توجّه إلى أقرب مركز شرطة أو استخدم القنوات الرقمية (مثل تطبيق “حمايتي” أو “الشرطة الذكية”) لتقديم بلاغ رسمي موثّق.
  3. فتح ملف في النيابة العامة: بعد التحقق من البلاغ، تقوم الشرطة بتحويله للنيابة، التي تفتح تحقيقًا وتُحدد طبيعة الاتهام وفق المادة 413 من قانون الجرائم والعقوبات.
  4. طلب الحماية القانونية (عند الحاجة): في حال وجود تهديد مستمر من الجاني، يمكنك طلب حماية احترازية أو أمر بعدم الاقتراب وفقًا لما يخوّله القانون.
  5. رفع دعوى تعويض مدني: إلى جانب الدعوى الجنائية، يحق لك المطالبة بتعويض مادي أو معنوي أمام المحكمة المدنية، إذا ثبت الضرر الذي لحق بك.

اتّباع هذه الخطوات القانونية بدقة، هو الطريق الأمثل لضمان حقك واسترداد كرامتك ضمن إطار قانوني صارم وعادل.

الجهات المختصة التي يمكن اللجوء إليها

عند التعرض لتحرش لفظي في دولة الإمارات، يمكن للضحية اللجوء إلى عدد من الجهات الرسمية المختصة، كل منها تلعب دورًا محددًا في حماية الضحايا وتطبيق القانون:

  • الشرطة المحلية (مثل شرطة دبي أو شرطة أبوظبي): لاستقبال البلاغات، فتح محاضر رسمية، جمع الأدلة، وتحويل الملف إلى النيابة العامة.
  • النيابة العامة: تتولى التحقيق في الشكوى بعد استلامها من الشرطة، وتقوم بتوجيه التهم المناسبة وفق القانون.
  • المحاكم الجزائية والمدنية: تنظر في القضية الجنائية للحكم بالعقوبة، كما تبتّ في دعاوى التعويض المدني إذا تم رفعها.
  • وزارة الداخلية: توفر قنوات إبلاغ إلكترونية عبر منصات ذكية مثل “حمايتي” و”الشرطة الذكية”، وتمكّن الضحايا من التبليغ بسرية وسرعة.

إن اللجوء إلى الجهات المختصة في الوقت المناسب يضمن لك الحماية القانونية الكاملة، ويُسهم في ردع أي سلوك مسيء يمسّ كرامتك أو خصوصيتك.

الأسئلة الشائعة حول عقوبة التحرش اللفظي في الإمارات

نعم، يُعد الكلام المسيء أو الإيحائي تحرشًا لفظيًا يُعاقب عليه القانون حتى دون وجود لمس جسدي، وفق المادة 413 من قانون العقوبات.

تصل العقوبة إلى الحبس لمدة سنة أو غرامة حتى 10,000 درهم، أو كلتاهما، حسب تقدير المحكمة وظروف الجريمة.

نعم، يحق للضحية رفع دعوى مدنية للمطالبة بتعويض معنوي إذا ثبت الضرر الناتج عن التحرش اللفظي.

للتبليغ عن تحرش لفظي في العمل يمكنك التوجه إلى قسم الموارد البشرية في جهة عملك، بالتوازي مع تقديم بلاغ رسمي لدى الشرطة أو عبر التطبيقات الذكية مثل الشرطة الذكية أو حمايتي.

تُعد عقوبة التحرش اللفظي في الإمارات رسالة قانونية صارمة تهدف إلى حماية الأفراد من الإساءات اللفظية والمضايقات، حيث نصّت المادة 413 من قانون العقوبات على الحبس لمدة تصل إلى سنة أو غرامة تصل إلى 10,000 درهم، مما يؤكد التزام الدولة بتوفير بيئة تحترم الكرامة وتجرّم أي انتهاك لفظي.

إذا كنت بحاجة إلى دعم قانوني متخصص في قضايا التحرش اللفظي، يسعدنا خدمتك عبر زر الواتساب أسفل الشاشة للتواصل المباشر مع محامي في ابوظبي مرخص.

قد يهمك أيضًا:

تنويه قانوني:
المعلومات الواردة لأغراض تثقيفية فقط ولا تُعد مشورة قانونية. للحصول على استشارة مخصصة، يُرجى التواصل مع محامٍ مرخّص في الإمارات.

المصادر

  • القانون الاتحادي رقم 31 لسنة 2021 بشأن الجرائم والعقوبات.
  • وزارة الداخلية الإماراتية – خدمات الإبلاغ.
  • بوابة حكومة الإمارات.
تواصل مع المحامي
اتصل بنا